مهارة كتابة التحقيق الصحفي
التعريف :
هو شكل من أشكال الكتابة الصحفية عادة ما يكون حول مدينة أو مصنع أو مؤسسة أو قضية ما .
أو هو بحث صحفي يعالج إشكالا اجتماعيا أو قضية ما بأسلوب مشوق يحلل جوانبها ويربط بين أجزائها
مكانته :
ويحب أكثرهم اختيار الكتابة في التحقيق الصحفي لأنه أكثر أشكال التحرير الصحفية حيوية وكفاءة وحرفية عالية و يشبه إلى حد ما عملية البحث العلمي لكنه يختلف عنه في الأسلوب ، ولأن الكاتب فيه يستطيع أن يبرهن عن قدرته على البحث والتقصي في قضية قد تكون ذات أهمية فهو من فنون التحرير المتقدمة في هذا المجال وتتطلب من المحرر معرفة ودراية وإتقان لبعض مهارات وصفات الباحث العلمي .
أهميته :
له طريقان إما أن يكون قبل الحدث أو بعده ، فإذا كان قبل الحدث المرتقب فيكون الهدف منه إعطاء فكرة أو تصور عن الحدث التالي وأبعاده وآثاره ، وفيه يبتعد الكاتب عن إطلاق الأحكام النهائية أو تكوين حكم مسبق ويتسم بالاعتماد على الثقافة الشخصية والتوقع والتتبع للقرائن والمواقف ومسيرة الأحداث السابقة ، وقد يطلبة أو يستمع إليه أصحاب القرار المحترفين في المؤتمرات والمحافل الهامة ليكون قدومهم بين الملأ والجماهير ومشاركتهم عن تحضير مدروس وموثق فيؤدي بعض وظيفة التقرير في هذا الموضع
وإما أن يكون بعد الحدث وهو أكثرها ويكون الهدف منه فهم الحدث والمشاركة فيه ، ويدخل فيه رفع المعاناة وحل المشكلات ودحض الإشاعات ‘ فقد تحدث مشكلة في أطراف الريف ويكثر حديث الناس عنها ويلفها الغموض ، فينتدب إليها أحد الكتاب الصحفيين فيزور الموقع ويكتب عنها تحقيقا دقيقا ، وغالبا ما تتغير نظرة الناس والمسؤولين حول الأحداث وتتبدد الظنون من حولها بعد أن يظهر فيها هذا التحقيق فيجدون أن الأمر مختلف وقد يحتاج إلى معالجة ، ومن هنا تظهر أهمية التحقيق في الإصلاح والتطوير والتقدم السياسي والمدني والعمراني
فوائده :
التعامل مع الأحداث ومتابعة القضايا وكشف معاناة المظلومين والتحقق من صدق أهل الادعاء والتثبت من صحة الأخبار وللاحتساب فيه أجر عظيم ويرى بعضهم أنه من وسائل خدمة الصالح العام وفضح الألاعيب والشرور ونقد كفاءة بعض العاملين في الشؤون العامة ولكن بأسلوب منصف وعادل ، وقد يكون من فوائده إشباع رغبات القاريء بالاستجابة إلى رغبته المشروعة في الترفيه ومده بالثقافة
أثره على كاتبه :
التحقيق هو التدقيق والتنقيب في خفايا الأمور وغموض القضايا وحنادس الظلام بنور الحق وضياء الحقيقة ، وإذا لم يتصف الكاتب بأخلاقيات المهنة والتعامل في الأسلوب بحرفية عالية وذكاء فائق عند التناول فسوف يتعرض للعـداوات وفتح باب الاتهامات ، ذلك لأن التحقيق الصحفي أكثر من كونه نقل أو توصيل فكرة من شخص إلي شخص آخر, أو إلي أشخاص آخرين ، فقد يكون سببا في إقالة شخص ما من منصبه ، أو انهيار مصداقية وسمعة شركة ما ، وقد يحصد الكاتب من ورائه المال الوفير ، وأفضل ما يكون التحقيق عندما يكون من شخص متصفا بالكفاية الاقتصادية واسع الغنى متمولا لأن هذا يعطيه الشجاعة في مواجهة المواقف والأشخاص بكل قوة واتزان ويجعله بعيدا عن مظنة شراء الذمم ، وهذا المعنى يختلف عن التحقيق الصحفي التجاري ، فإن كتابة هذا النوع من التحقيقات من وسائل رزقنا نحن الكتاب ، فقد تطلب مؤسسة ما أو شركة معينة تحقيقا صحفيا عن منتجاتها أو سلعتها أو نشاطها وتريد أن تروج له قبيل الموسم القادم لاجتذاب العملاء فتتفق مع أحدنا ليقوم بهذه المهمة وتوفر له كافة المعلومات والبيانات فيقوم بإعداده حسب خبرته وموهبته وأسلوبه وطريقته ، وقد رأينا من يصنع تصميما إعلانيا وسمعنا من يؤجر صوته في إعلان تجاري لا تتجاوز مدته عدة ثوان أو دقائق فكيف بكتابة تحقيق صحفي ولا يخفى أثره في الإقناع والتأثير ، وهذا النوع من التحقيقات ليس بالضرورة أن يكون كاتبه ينتمي إلى المؤسسة الصحفية فإن اختيار الصحيفة أو موقع النشر يختص بصاحب المؤسسة الذي طلبه .
أشكاله وأساليبه :
يرى بعض مقدمي الدورات في طريقة كتابة التحقيق الصحفي أنه لا توجد طريقة ثابتة لكتابته ولكن بالاستقراء تبين لي أن له طريقتان في صياغته وعرضه :
الطريقة الأولى : الأسلوب المجرد من المقابلات وهو أسلوب يجمع بين القصة والتقرير ، فأخذ من القصة عمقها وجمالها وتصويرها
وأخذ من التقرير وصفه الخارجي وبياناته وإحصائه ، وهذا النوع هو الذي حدا ببعضهم إلى تعريف التحقيق الصحفي بقوله : هو تقرير موسع يتناول موضوعا أو مشكلة هامة أو فكرة ويشبعها دراسة ونقاشا ، لأنه رأى فيه حقائق ومعلومات تحاكم بالقوانين والأنظمة بعيدا عن التناول الذاتي ، وهذا بطبيعة الحال يتباين عن أنواع المقالات الأخرى ، وهذا الشكل يناسب غالبا الذين يكتبون التحقيق قبل الحدث المرتقب ولا يلزم فيه اختيار النهج المعروف : المقدمة والعرض والخاتمة .
الطريقة الثانية : الأسلوب المقرون بالمقابلات وهذا هو الإطار الفني الأصلي لنقل الأحداث والتفصيلات ومختلف المعلومات بأسلوب التحقيق الصحفي ، والمقابلة مع كونها فنا صحفيا قائما بذاته إلا أنها في التحقيق الصحفي وبعض فنون الكتابة الصحفية تتنازل لتكون إحدى أدوات المحرر الهامة في العرض والصياغة فهي هنا من وسائل الإقناع
شيء من طريقة الكتابة فيه :
إذا كنت تكتب بالأسلوب الأول وتراعي بدقة خصوصية موضوعك ، وتريد أن تتجنب ملل القاريء ، فإن التحقيق في هذه الحالة يركز على جانب مثير من القصة بحيث يبدأ من وسط الحدث وإلى جانب الوصف الموضوعي للموقف وتوضيح الظروف والملابسات ، وفيه يمكنك أن تدرج آراءك وانطباعاتك وأفكارك مع الحذر من التعميم ، وعادة لا نكتب التحقيق بصيغة الأنا، وذلك من أجل جعل الحدث في المقدمة وليس الكاتب أو الكاتبة إلا في حالة إثبات الصبغة الذاتية للتحقيق ومن الناحية اللغوية اكتب بلغة بسيطة ومفهومة، تجنب الكلمات الأجنبية والاختصارات والتراكيب المعقد للجمل و يفضل استخدام صيغة المبني للمعلوم على صيغة المبني للمجهول ، لأن ذلك يجعل النص أكثر حيوية.
فكر دائما لمن تكتب ؟ واعلم أن القارئ لا يريد فقط الحصول على المعلومة ، بل يريد أيضا أن يتسلى فالفكاهة والمزحة تصقل النص.
وسر المهارة في العرض والأسلوب أن لا يحس القاريء بأنه يقرأ معلومات يعرفها سابقا ، ويمكنك أن تجعل عملك أكثر حيوية بإدراج بعض الصور ( الطبيعة والمعالم فقط ) والعناوين الفرعية الجذابة لأن الصفحات الواضحة المعالم يمكن قراءتها بسهولة أكثر وهذه من أظهر سمات التحقيق الصحفي إذ أول ما يطالعنا هذا الإخراج المؤنق الجميل .